فالأشياء وقت حدوثها تستعصي على الشرح. يفشل الواحد في القبض على كثير من تفاصيلها وهو يحكيها، لينتهي الشرح محمومًا وانفعاليًا وغير منطقي. إنّ الاستعجال في إخبار الآخرين بما حدث، والمحاولة السريعة لتحليله، يتخطّى -بل ينفي- حقيقة أنّ ما فجّر الحدث في الأساس هو التراكم البطيء البارد الذي استغرق وقتًا. وذلك التراكم هو أكثر ما يوصّف...
الكثير الكثير يحدث في البلد، فهذا واضح من علامات الاستفهام والتعجّب والمزدوجات في مانشيتات صُحُفه. لكنّ شيئًا فعليًا لا يتغيّر فيه. حتى عندما تنزلق الأمور نحو ما يظهر في اللحظات الأولى أنه متّجه لطريق اللا عودة، ينجلي الأمر عن أحداث منعدمة الأصالة ومغرِقة في الملل. إنّ شيئًا ما فاشلًا يسيطر في الأجواء. وهو فشل يراوح...
.. ونتلو عليكم ما ورد في الرسالة التي وُجِدَت بالقرب من الشاب المنتحر: تقترب منّا الأشياء بعدما ظننّاها بعيدة، وبعدما كنّا نوهم أنفسنا أننا نتجنّبها قدر الإمكان. نعزل أنفسنا، وإذا قرّرنا أن نقترب لقضاء حاجات يصعب تجاهلها، نصير ندور حول المشوّشات والعقبات، ونسلك طرقًا بديلة كي لا نطأ في رمل متحرّك نثق أنه سيسحبنا إلى...
(إلى ز.) ١– وقفت في الشارع لا أعرف ماذا أفعل. أضعت محفظتي قبل دقائق. أين أضعتها؟ أحاول أن أتذكر. على الطاولة في المقهـي أم في الطريق إلى السيارة أم حين صعدت إليها؟ ٢– – يا جدّي، هل تعرف؟ – كلّا. – ولا أنا أعرف أيضًا. ٣– الركض من أول شارع الحمرا لآخره لم يجد نفعًا....
“النيزك فعل فعلته”(*). هي الحرب تُقبل كما لم تكن يومًا. وهل تعرف كيف كانت في الماضي؟ في السبعينيات؟ في الثمانينيات؟ وهل كان ما تلى هذين العقدين غير حرب ساكنة؟ تقرأ في الورق. تشاهد الوثائقيات والفيديوهات القديمة. تستمتع لبرامج إذاعية مخرمشة الصوت. تحدّث أباك. أمك تقول لك أنها ولدتك في السيارة في الطريق للمستشفى. والدك يحدّثك...
عزيزي السيد ضرغام، وقعتُ صدفةً على الإعلان الذي نشرتَه في جريدة النهار. لليالٍ ثلاث، أقامت السيدة جانيت الخوري، حرمك، في الفندق الصغير الذي أعمل فيه والكائن في منطقة الأشرفية. لا أعرف إن كانت السيدة نفسها هذه هي زوجتك (مرفق مع الإيميل صورة عن الباسبور طبعتها من نظام الكمبيوتر ). لكني أذكر أنها لم تكن تلبس...
رأت سمكًا في بطنها. كانت جالسة. عندما نظرت رنا، وجدت بطنها شفافًا. مملوءًا بالأسماك. أسماك ذهبية صغيرة. لم تندهش لهذه الرؤية. كأنها كانت تعرف، أو كأنّها رأتْ السمك من قبل. لمّا تفحصت جلستها أكثر، اكتشفت أنها جالسة على حصاة كبيرة. أنها في الماء، وأنها تتنفس بلا جهد. عندما فتحت فمها، لم يدخله الماء. لم يكن بطنها فقط شفافًا. كان جسمها كله. نظرت حولها، وتابعت بعينيها سربًا...
الرسم لجورج عزمي /مقطع صوتي من فصل “شبكة سلوى” من رواية “ليمبو بيروت” – صوت وإعداد: ريتا خوري/ [soundcloud url=”http://api.soundcloud.com/tracks/69813514″ iframe=”true” /] “تدعوكم دار التنوير لحضور حفل توقيع رواية “ليمبو بيروت ل هلال شومان (مع جنى طرابلسي وفادي عادلة) يوم الجمعة في 14 كانون الأول 2012 في جناح الدار بمعرض بيروت الدولي للكتاب Biel من...
“الجثث الميتة”. توقفتُ لحظة وأنا أنظر إلى هذا اللفظ. هل من جثث ليست ميتة؟ نعم. لديّ نظرية في هذا الصدد. هناك جثث غير ميتة. الجثث التي لا تشعرك بإمكانية حملها لقصّة هي جثث ميتة. البشر يختلفون حتى في موتهم. هناك منهم من هو خافت الإضاءة، وهناك من يسطع حتى وهو بلا روح. كم من الجثث...
شمع العسل تعمل ليلاً في شركة يعمل موظفوها فيها نهاراً. الضوء ملقىً فقط فوق مكعبك، وكل ما حولك مظلم. ناطحات دبي في الخارج تتوهج بالشبابيك المضاءة كخلايا سداسية في قطع من شمع العسل. ولما تقف لتمشي في الأروقة تضيء لك مجسّات السقف الضوئية الممر أمامك، لمبة إثر أخرى. لا تنتظرها لتضيء، ولا تسرع قبل أن...
إنه العام 2112. بعد قرن من الحروب المتفرقة، بُنيَت المدينة البلّورية في بيروت. وُقّع اتفاق بين أطراف الصراع يتضمّن تحييد من لا يودّ المشاركة في الحرب المستمرّة، وإرسالهم إلى المدينة المنشأة، وساعد المجتمَع الدولي بكافة محاوره ماليًّا في إنشائها. جرى ذلك بسهولة غريبة، وتبعه توافق أطراف الصراع على الإشارة إلى المدينة الوليدة كإنجاز حضاري يعيد...